وجوب مساعدة المجاهدين الأفغان
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (رحمه الله)
[ كان قد اشتهر بين بعض الإخوة المسلمين أن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني قد صرح لإحدى الجرائد الكويتية بأنه لا يجوز دفع أموال الزكاة إلى المجاهدين في أفغانستان. ومنذ أسابيع قريبة توجه إليه في بيته من سأله عن حقيقة هذا الحكم فأجاب بما يلي:]
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فالأمر كما قيل قديما (( وما آفة الأخبار إلا رواتها)) و أنه مما يؤسف كل مسلم أن يسيطر على كثير من المسلمين مخالفة الإسلام في كثير من أحكامه الكريمة منها عدم احتياطهم في نقل الأخبار وروايتها كما جاء في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}، وكما يقتضيه قول رسول الله ﷺ: (( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع))، على الرغم من تلك الآية وهذا الحديث الصحيح نجد كثيرا من الناس يتابع بعضه بعضا في نقل الأخبار دون تثبت أو تروي. وأنا أقول تجاه هذا الخبر كما تعلمناها من علمائنا السابقين {سبحانك هذا بهتان عظيم}.
لأني أعتقد -فيما أعلم- أنه لا يوجد اليوم على أرض الإسلام من يقوم بحق الجهاد في سبيل الله سوى إخواننا الأفغان، فلذلك الآية المعروفة التي تعد مصارف الزكاة وهي قوله تبارك و تعالى: {إنما الصدقات للفقراء و المساكين} إلى قوله تعالى {وفي سبيل الله} فهذه الجملة و هذا المصرف من المصارف الثمانية المذكورة في الآية لقد أجمع علماء المسلمين على أن المقصود الأول به إنما هو الجهاد في سبيل الله تبارك و تعالى وقتال الكفار، مع أن هناك قولا آخر للإمام أحمد رحمه الله وسع معنى هذا النص القرآني {وفي سبيل الله} فأدخل فيه صرف المال في سبيل احجاج من لا يستطيع الحج إلى بيت الله الحرام. فإلى هذا الحد يمكن فهم هذه الآية الكريمة. و أما ماتوسع فيه بعض المتأخرين حيث أدخلوا في عموم قوله تعالى {وفي سبيل الله} كل مشروع خيري فهذا توسع في اعتقادي غير محمود لأن ظاهره يبطل الحصر المذكور والعد المعدود في الآية المذكورة، ويكفي لرد هذا التوسع بالإضافة كما ذكرنا أن أحدا من علماء السلف من الصحابة و التابعين المشهورين من أئمة التفسير لم يتوسع هذا التوسع. وهذا مما يحملنا دائما و أبدا على أن نلتزم طريقة السلف الصالح ومنهجهم في فهم دين الله كتابا وسنة. والمقصود أن هذه الآية في زماننا هذا تنطبق تمام الإنطباق على إخواننا المجاهدين الأفغان لأنهم أخرجوا من ديارهم ظلما و بغيا من أولئك الملاحدة الروس فوجب ليس عليهم فقط أن يجاهدوا الكفار بل على كل مسلم في كل بلاد الإسلام. ولكن مما يؤسف له أن المسلمين جميعا في كل بلادهم قد شغلوا بما فيهم من المصائب و البلايا على أن يقوموا بواجب إعانة إخواننا المجاهدين الأفغانيين فلا أقا أن يعانوا بمدهم بالأموال التي تساعدهم على مقاومة أعدائهم، إلى أن يأذن الله عز وجل بنصرهم عليهم. لذلك فالذي بلغني من الخبر فإنما هو محض كذب وافتراء.
وأسال الله تبارك و تعالى أن يهدي المسلمين جميعا ليتمسكوا بدينهم في كل ما جاءهم به كتاب ربهم و سنة نبيهم.
وأخيرا:
إن كان عندي ما أوجهه من نصيحة إلى أولئك الإخوان المجاهدين، فإنما هو أن أذكرهم بوجوب اتحادهم وابتعادهم عن التفرق، لأنه ليس يخفى على أمثالهم وخاصة على علمائهم أن التفرق من أقوى الأسباب في الفشل وفي عدم الثبات أمام أعداء الله تبارك و تعالى، كما قال تعالى{ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} و ((يد الله مع الجماعة)) كما صح عن النبي ﷺ. هذا ما تيسر لي ذكره بهذه المناسبة سائلا المولى سبحانه وتعالى أن يسرنا و يفرحنا قريبا، بأن يبلغنا خبر انتصارهم على عدوهم و عودتهم إلى بلادهم مع تحكيمهم لشريعة ربهم، هذا التحكيم الذي قلما يوجد في بلاد الإسلام اليوم.
والحمد لله رب العالمين.
[مجلة التوحيد]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق