الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024

تطبيق الشريعة كما يراه العلماء | الشيخ أحمد محمد شاكر (رحمه الله)


 تطبيق الشريعة كما يراه العلماء

الشيخ أحمد محمد شاكر (رحمه الله)


قال تعالى {والسارق و السارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله، والله عزيز حكيم. فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه، إن الله غفور رحيم. ألم تعلم أنّ الله له ملك السموات والأرض، يعذب من يشاء، والله على كل شيء قدير.}

قال الشيخ:

هذا حكم الله في السارق والسارقة، قاطع صريح اللفظ و المعنى، لا يحتمل أي شك في الثبوت ولا في الدلالة، وهذا حكم رسول الله تنفيذا لحكم الله وطاعة لأمره، في الرجال و النساء: قطع اليد، لا شك فيه، حتى ليقول صلى الله عليه و سلم: بأبي هو و أمي ـ : (لوأن فاطمه بنت محمد سرقت لقطعت يدها).

فانظروا إلى ما فعل بنا أعداؤنا المبشرون المستعمرون! لعبوا بديننا، وضربوا علينا قوانين وثنية ملعونه مجرمة، نسخوا بها حكم الله وحكم رسوله، ثم ربوا فينا ناسا ينتسبون إلينا، أشربوهم في قلوبهم بغض هذا الحكم، ووضعوا على ألسنتهم كلمة الكفر: إن هذا حكم قاس لا يناسب هذا العصر الماجن، عصر المدنية المتهتكة! وجعلواهذا الحكم موضع سخريتهم وتندرهم! فكان عن هذا أن امتلئت السجون ـ في بلادنا وحدها ـ بمئات الألوف من اللصوص، بما وضعوا في القوانين من عقوبات للسرقة ليس برادعة، ولن تكون أبدا رادعة، ولن تكون أبدا علاجا لهذا الداء المستشري.

ثم أدخلوا في عقول الطبقة المثقفة، وخاصة القائمين على هذه القوانين الوثنية، ما يسمونه علم النفس، وهو ليس بعلم ولا شبيه به، بل هو أهواء متناقضة متباينة. لكل إمام من أئمة الكفر في هذا العلم رأي ينقض رأي مخالفه. ثم جاؤوا في التطبيق يلتمسون الأعذار من علم النفس لكل لص بحسبه. ثم زاد الأمر شرا أن يكتب اللصوص أنفسهم كلاما يلتمسون به الأعذار لجرمهم، وقام المدافعون عنهم المقامات التي توردهم النار، يعلمون أن الجريمة ثابتة، فلا يحاولون إنكارها، بل يحاولون التهوين من شأنها، بدراسة نفسية المجرم وظروفه!!.

ولقد جادلت منهم رجالا كثيرا من أساطينهم، فليس عندهم إلا أن حكم القرآن لا يناسب هذا العصر!! و أن المجرم إن هو إلا مريض يجب علاجه لا عقابه. ثم ينسبون قول الله تعالى في هذا الحكم بعينه: { جزاء بما كسبنا نكالا من الله}، فالله سبحانه - وهو خالق الخلق، وهو أعلم بهم، وهو العزيز الحكيم- يجعل هذه العقوبة للتنكيل بالسارقين، نصا قاطعا صريحا، فأين يذهب هؤلاء الناس؟!

هذه المسألة: -عندنا نحن المسلمين- هي من صميم العقيدة، ومن صميم الإيمان، فهؤلاء المنتسبون للإسلام، المنكرون حد القطع، أو الراغبون عنه - سنسألهم: أتؤمنون بالله وبأنه خلق هذا الخلق؟ فسيقولون نعم، أفتؤمنون بأنه يعلم ما كان و ما يكون، و بأنه أعلم بخلقه من أنفسهم وبما يصلحهم و ما يضرهم؟ فسيقولون: نعم، أفتؤمنون بأنه أرسل رسوله محمدا بالهدى ودين الحق، وأنزل عليه هذا القرآن من لدنه هدى للناس و إصلاحا في دينهم و دنياهم؟ فسيقولون: نعم، أفتؤمنون بأن هذه الآية بعينها {والسارق و السارقة فاقطعوا أيديهما} من القرآن؟ فسيقولون: نعم، أفتؤمنون بأن تشريع الله قائم ملزم للناس في كل زمان وفي كل مكان ، وفي كل حال؟ فسيقولون: نعم، إذن فأنَّى تصرفون؟! وعلى أي شرع تقومون؟! أما من أجاب - ممن ينتسب للإسلام - على أي سؤال من السؤالات بأن: لا، فقد فرغنا منه و عرفنا مصيره. و قد أيقن كل مسلم من عالم أو جاهل، مثقف أو أمي: أن من يقول في شيء من هذا، لا، فقد خرج من الإسلام، وتردى في حمأة الردة، و أما من عدا المسلمين، ومن عدا المنتسبين للإسلام، فلن نجادلهم في هذا، ولن نسايرهم في الحديث عنه، إذ لم يؤمنوا بمثل ما آمنا، ولن يرضوا عنا أبدا إلا أن نقول مثل قولهم! وعياذا بالله من ذلك.

ولو عقل هؤلاء الناس - الذين ينتسبون للإسلام لعلموا أن بضعة أيد من أيدي السارقين لو قطعت كل عام، لنجت البلاد من سبة اللصوص، ولما وقع كل عام إلا بضع سرقات، كالشيء النادر، ولخلت السجون من مئات الألوف التي تجعل السجون مدارس حقيقية للتفنن في الجرائم لو عقلوا لفعلوا، ولكنهم يصرون على باطلهم، ليرضى عنهم سادتهم ومعلموهم! وهيهات!!

[مجلة التوحيد العدد 3]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة الصراع بين تركيا وتنظيم حزب العمال الكردستاني PKK | تغريدات: الدكتور محمت كانبكلي

قصة الصراع بين تركيا وتنظيم حزب العمال الكردستاني pkk   تغريدات: الدكتور محمت كانبكلي. "لماذا تعتبر تركيا محاربة تنظيم حزب العمال الكرد...