السبت، 8 يناير 2022

الإحالة على محاضرة : (أثر العلم في تحقيق مصالح الأمة) | أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي

 

بسم الله ...

     الإحالة على محاضرة :
(أثر العلم في تحقيق مصالح الأمة

 للشيخ المتقن صالح بن عبد الله العصيمي - حفظه الله –

أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي



     الكلام عن تحقيق مصالح الأمة ، من المواضيع المهمة غاية ، وقد تحدث عنها الناس في وقتنا المعاصر وكتبوا بألسنة تنوعت مشارب أصحابها وتعددت ..- والقلم أحد اللسانين (!) - ، والظاهر - والله المستعان - الاستناد في ذلك عند عمومهم على ( *تحكيم مجرد الفكر* )!! ..، وقل من يؤسس الأمر على ( العلم )؟! ..، ولذلك حصل الافتراق .. ، وتبدى الشقاق .. ، ف " العلم يُجٓمع ، والفكر يُفٓرق" كما قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ  - رحمه الله-  ..، وليس القصد من هذا الطرح انتقاص منزلة الفكر ..، وإنما بيان مرتبته ، فالعلم - بضابطه - حاكم وقاضي ، والفكر - بشرطه - شاهد ..فتأمل وبالعلم تجمل ... 

      فمما هو مقرر في الشريعة الغراء ، ومعلوم عند العلماء أن " الشريعة ما وضعت إلا لتحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل ، ودرء المفاسد عنهم " الموافقات 2/9 .

  الشرع وضع الله للعباد *** للنفع في المعاش والمعاد 

     وعليه فالمصالح الشرعية العامة والخاصة هي التي ارتبطت بنصوص الشريعة الإسلامية ومقاصدها وأصولها ..، منها تؤخذ وإليها ترجع .. 

   قال شيخ الإسلام - رحمه الله - :  " القول الجامع أن الشريعة لا تهمل مصلحة قط بل الله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم النعمة ، فما من شيء يقرب إلى الجنة إلا قد حدثنا به النبي - عليه الصلاة والسلام - وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك ، لكن ما اعتقده العقل مصلحة وإن كان الشرع لم يرد به فأحد الأمرين لازم له ، إما أن الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر ، أو أنه ليس بمصلحة وإن اعتقده مصلحة، لأن المصلحة هي المنفعة الخالصة أو الغالبة ، وكثيرا ما يتوهم الناس أن الشيء ينفع في الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة، كما قال تعالى في الخمر والميسر  : ( قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) " الفتاوي 11/344 .

      ولما كانت الشريعة قائمة على ( العلم ) ..،  فموافقة مراد الله في تحقيق مصالح الأمة لا سبيل إليها إلا ب ( العلم الشرعي)؟! ..الذي لا يخرج عن " النقل المصدق "! ..، و " البحث المحقق "!* ..، وما سوى ذلك ف ( هذيان مزوق )!! ..، فالعلم حاكم ، وغيره محكوم عليه ..،  فتذكر ولا تتنكر ..

     قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - : "  إذا حكم العلم انقطع النزاع ووجب الاتباع ، وهو الحاكم على الممالك، والسياسات ، والأموال ، والأقلام ، فملك لا يتأيد بعلم لا يقوم ، وسيف بلا علم مخراق لاعب ، وقلم بلا علم حركة عابث ، والعلم مسلط حاكم على ذلك كله ، ولا يحكم شيء من ذلك على العلم " مفتاح دار السعادة 1/296-297.

      فمن الضروري - إذن -  لمن أراد الكلام عن قضايا الأمة تحقيقا لمصالحها أن يكون صاحب ( دربة علمية )! ...، و ( ملكة فقهية )! ..بخلاف ما نراه من بعض الناس الذين أرادوا أن يحققوا مصالح الأمة بأقلامهم .. ، وتصرفاتهم .. ، ومشارعهم .. بما هو مسطر في ( الكتب الفكرية )!! ..، ومرقوم في ( الكتابات الثقافية )!! ..، حتى أفرز هذا الحال ما يصطلح عليه في الميدان الدعوي ب ( المثقفين الإسلاميين )؟! ..أو ب ( المفكرين الإسلاميين )؟! ..، ولا ضير أن يتكلم هؤلاء ..في أبواب معينة ومجالات محددة - وفق ضوابط مقررة ( ؟!)  - لينتفع الناس بهم  .. أما قضايا الأمة وتحقيق مصالحها العامة التي تحتاج إلى علم محقق ، ونظر مدقق ..فلا ..

       نعم ؛ هذا الصنف قد نال إعجاب كثير من الناس - مع ضعف ظاهر في التأصيل (؟!) - لما يبذلونه من معلومات ومعارف إسلامية إلى حد أنهم وجدوا من يقتدي بهم- وفي الأمور العظيمة (!!)-  بغير علم ولا بصيرة بل لمجرد كونهم أصحاب *فكر وثقافة وتحليل وجرأة غريبة (!!!) ..، وعلة هذا الواقع المرير هو ميل الناس - إلا من رحم الله - مع الخطاب العاطفي أكثر من ميلهم إلى الخطاب العلمي البرهاني ..، وليس القصد التجرد من العاطفة ، لكن المراد تقرير أنها ليست حاكمة .. فتأمل ولا تتعجل ..،  فنتج عن ذلك الفساد العريض في الأوساط الدعوية ...، فحسبنا الله ونعم الوكيل ...

       فلا يحق لأمثال هؤلاء - يا رعاكم الله - الكلام في مصالح الأمة لما عرفوا به من تقصير غاية في التأصيل العلمي ..، وهم بذلك لم يخرجوا حقيقة عن ( وصف التقليد )؟! ..ف " المقصر في علم كالمقلد فيه " ...فكيف - كما قلنا - و هذا التقصير منهم ..قد بلغ مبلغا عظيما (!!!) ..

      قال الشيخ عمر الفاسي - رحمه الله - في رسالة ( الوقف ) له : " وأنى للمقلد أن يدعي غلبة الظن أن هذه المصلحة فيها تحصيل مقصود الشارع وأنها لم يرد في الشرع ما يعارضها ، ولا ما يشهد بإلغائها ، مع أنه لا بحث له في الأدلة ، ولا نظر له فيها . وهل هذا إلا اجتراء على الدين   وإقدام على حكم شرعي بغير يقين " نقلا عن رسائل الإصلاح 2/154 للعلامة محمد الخضر حسين - رحمه الله - .

         وإذا كان هذا الذي ذكرناه في حق من يسمون ب (المفكرين الإسلاميين )؟!! ..،  فهو في حق (العلمانيين)!!! من باب أولى وأحرى وأجدر ..، حيث هؤلاء القوم أصحاب ( إفلاس ) من علوم القرآن العظيم .. ، و فقه سنة النبي الأمين - عليه الصلاة والسلام - .. ، و قواعد وذوق اللسان العربي المبين  (!!!) .. ،  بل عارضوا ذلك بأهوائهم .. ، وقابلوه بما هو مشين .. ، إضافة إلى الطعن في السلف الصالحين ..، ومع ذلك يخوضون في شرع الله بالظن والتخمين ، ويفهمون النصوص بما هو خارج عن شريعة رب العالمين ، فهم أرباب التحريف والتبديل للدين ، فنعوذ بالله من كيد الكائدين ، وتحريف المنحرفين المحرفين ..، الذين يصدق فيهم قول القائل : " طافوا على أرباب المذاهب ، ففازوا بأخس المطالب " !!!..

      فليعلم - حفظكم الله - أن الكلام عن تحقيق المصالح عموما ، ومصالح الأمة خصوصا يحتاج " إلى مزيد  من الاحتياط ... ، وشدة الحذر من غلبة الأهواء لأن الأهواء كثيرا ما تزين المفسدة فترى مصلحة ، وكثيرا ما يغتر  بما ضرره أكبر من نفعه " مصادر التشريع الإسلامي لخلاف - رحمه الله - ص: 85 بتصرف يسير .

     قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في السياق نفسه : " وهنا فصل عظيم ينبغي الاهتمام به ، فإن من جهته حصل في الدين اضطراب عظيم ، وكثير من الأمراء والعلماء والعباد رأو ( مصالح ) فاستعملوها .. وقد يكون منها ما هو محظور في الشرع ولم ( يعلموه )! .. " الفتاوي 11/343.
 

     فما أحوجنا - إذن -  عند تقرير مصالح الأمة لمن ينطلق في ذلك من *العلم الصحيح المأخوذ من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وتقريرات الأئمة ..

        ولذا اخترت لكم في هذه المقالة الإحالة على محاضرة قيمة ماتعة بعنوان : ( أثر العلم في تحقيق مصالح الأمة ) للشيخ المتقن صالح بن عبد الله العصيمي - حفظه الله ومتعنا بعلمه - وهي نبذة يسيرة حول الموضوع بمثابة ( المدخل له )..، وإليك مجمل ما قرره الشيخ فيها :

    بدأ الشيخ - حفظه الله - بعد المقدمة ببيان عظم شأن الموضوع حيث قال : " من مرابع البيان ، ومراتع التبيان : ذكر أثر العلم في تحقيق مصالح الأمة " ..

       ثم عرج على ذكر مفهوم المصلحة حيث هو : " إيصال ما ينفع العباد " ..، وقرر -  أحسن الله إليه - أن هذا المعنى غير مختلف فيه ، وإن وقع الخُلف في التسمية ، فهناك من يسمي هذه الحقيقة : مصلحة .. ، وسميت : منفعة .. ، وسميت لذة..إلى غير ذلك ..، ولا مشاحة في الأسامي ( ؟! ) ..

          وانتقل بعد إلى الكلام عن تقسيم علماء الأصول للمصالح إلى أقسام متعددة لاعتبارات مختلفة ...، وهذا من باب : " اختلاف العبارات لاختلاف الاعتبارات "..وذكر - بارك الله فيه - أن من جملة هذه الأقسام  : تقسيم المصالح باعتبار تعلقها بعموم الأفراد وآحادهم إلى نوعين : 

      1. المصالح الجماعية : وهي التي تتعلق بجماعة المسلمين .
      2 . المصالح الفردية : وهي التي تتعلق بآحادهم  .. ، ونبه - هنا ! - على أن المراد بالآحاد في هذا السياق : ( النوع )! ...لا أحدا بعينه.. فتأمل .

      ثم نص - وفقه الله - على أن أحسن ما يعبر به عن المصالح المتعلقة بعموم الأفراد ..، - وهي المقصودة بالكلام (!) - ..أن يقال عنها : ( المصالح الجماعية )..، و ذكر أن أحد الأقدمين قد سماها ب ( مصالح الأمة )..، ويقرب من هذا تسميتها ب ( مصالح المسلمين )..

        وبعد هذا عرف - بارك الله فيه - مصالح الأمة بأنها : " المصالح الجماعية التي تتعلق بالخلق كافة " ..،  أو ب ( أكثرهم )! .. ذلك أن تخلف بعضهم لا ينافي ( الكلية ) كما قرره الشاطبي - رحمه الله - في الموافقات .

      وعند هذا الحرف من الكلام كشف الشيخ - رفع الله قدره - عن شبهة يلهج بها بعضهم ومفادها أن من تقدم من علمائنا (غيبوا )!! الكلام والحديث عن المصالح العامة ...، ثم قرر - سلمه الله -  غلط ذلك على أئمتنا ...، وبين وجود ذلك في تقريراتهم في موردين

    أولهما : في باب السياسة الشرعية ، فإن الإمام نائب عن الأمة في مصالحها ...

    ثانيهما : أن تلك المصالح توجد في مصالح الأفراد واحدا واحدا ..، وباجتماعها تتحقق المصلحة العامة والكلية ..

       وقد عزا الشيخ بيان هذا إلى العلامة الطاهر بن عاشور - رحمه الله - في كتابه : ( مقاصد الشريعة ) ..

   وأوضح الشيخ - متعنا الله بعلمه - بعدها حقيقة مفهوم ( الأمة ) عندما نتحدث عن مصالح الأمة ..
    وأنه يرجع في أصل الخطاب الشرعي إلى : 
      - ( أمة الدعوة ) ..
    - و ( أمة الإجابة ) ..

..  و هناك إطلاق ثالث لمفهوم الأمة وهو : 
      - ( الدولة أو الشعب ) ..

  ولهذا الإطلاق وجه في الوضع اللغوي ...، فكل جماعة أو طائفة من الناس يقطنون في محل ما من الأرض يليه ولي الأمر باسم الأمة فيقال لها : ( دولة ) ..، وفي أصل الخطاب الشرعي يطلق عليها اسم ( الأمة ) ..، وقد تواردت على هذا الإطلاق الثالث الأوضاع النظامية ..، حيث يقال : (المصلحة العامة).. ، أو (المصلحة الوطنية ) ..، ويراد بها : " مصلحة الدولة " ..

      إذن عند الحديث عن تحقيق ( مصالح الأمة )؟! ..لا بد من النظر إلى هذه الإطلاقات : ( أمة الدعوة ) و ( أمة الإجابة ) و ( الدولة / الشعب ) ..

       ثم بين الشيخ - حفظه الله - مسالك المتكلمين عن مصالح الأمة من المتأخرين .. ، وأن مرد ذلك إلى مسلكين وهما : 

      أ . مسلك بيان مصالح الأمة وفق منظور شرعي ..، و هو ( المسلك الحق )! ..ودونه باطل ..
    ب . مسلك بيان مصالح الأمة باعتبار منظور حزبي ، أي : من خلال ثوابت وأصول الحزب سواء كان حزبا يساريا شيوعيا ، أو اشتراكيا ، أو إسلاميا ( !! ) ..

      وعقب هذا المبحث تكلم الشيخ - بارك الله فيه - عن حقيقة ( مصالح الأمة ) ..، وأنه بالتتبع والاستقراء للنصوص الشرعية نجد مردها إلى ثمانية مصالح
    
  1. الصلاح ..
  2. الخيرية ..، ويسميها من تأخر : ( الهوية = تميز الأمة) ..
   3. الجماعة ..
   4 . العلم ..
   5. القوة ..
   6. الاكتفاء ..، أي : حصول الكفاية فيما يحتاج إليه من مطعم أو مشرب أو ملبس أو مسكن ..
   7 . العدل ..
   8. الأمن ..

      وهذه المصالح كما قال الشيخ - جزاه الله خيرا - تتوارد عليها أدلة كثيرة..، ولذا فهي ( كليات شرعية ) ..، وهناك أفراد من المصالح ترجع إلى هذه المصالح الكلية ..

     ونبه الشيخ أن من ظهرت له مصالح أخرى فلينظر .. فلعلها مندرجة في إحدى ما سبق ..و (عموما) ليس بمانع أن يدل التتبع والاستقراء على غير ما ذكر ..
       وبعد هذا التقرير ختم الشيخ - ختم الله لنا وله بالحسنى -  محاضرته النفيسة بالكلام عن الأمر الأعظم وهو : أثر العلم الشرعي في تحقيق مصالح الأمة ...، حيث أن حٓملة العلم الشرعي هم أحق الناس وأجدرهم بوجود أثرهم في تحقيق مصالح الأمة ..، ثم بدأ بذكر وجوه أثر العلم في تحقيق ذلك مع الشرح والبيان : 

    - الوجه 1 : بالعلم يتم تعيين مصالح الأمة والتعريف بها ..

    - الوجه 2 : بالعلم تحصل الدعوة إلى مصالح الأمة ، ويتم الحث عليها ..

    - الوجه 3 : بالعلم يتحقق الأمر بحفظ مصالح الأمة ، والنهي عن إضاعتها ..

     - الوجه 4 : بالعلم تتم صيانة مصالح الأمة ووقايتها من المفسدات ..

    - الوجه 5 : بالعلم يتحصل تحديد واجب العبد في تحقيق مصالح الأمة ..

   - الوجه 6 : بالعلم يتم تقسيم وظائف تحقيق مصالح الأمة بين أفرادها ..

   - الوجه 7 : بالعلم نعمل على تدريج الخلق إلى بلوغ مصالح الأمة وتحصيلها ..

  - الوجه 8 : بالعلم نتمكن من الحكم على ما يعده العادون في مصالح الأمة ، وبيان مواقعها من الشرع ..

   - الوجه 9 : بالعلم يتم تمييز الوضع الشرعي لمصالح الأمة ..

  - الوجه 10 : بالعلم نحيط بفقه النوازل المستجدة المتعلقة بمصالح الأمة ..

   - الوجه 11 والأخير : بالعلم نٓفصل بين الحقائق المصلحية المشتركة في الإسلام وغيره ..

     وبهذا المرقوم نهاية خلاصة كلام الشيخ - حفظه الله - عن موضوع : ( أثر العلم في تحقيق مصالح الأمة ) ..، ومن أراد تقرير ذلك من كلام الشيخ مع شيء من  البيان والشرح والإيضاح ..فعليه بالمحاضرة وهي مرئية على اليوتوب ...

   والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..

        كتبه :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة الصراع بين تركيا وتنظيم حزب العمال الكردستاني PKK | تغريدات: الدكتور محمت كانبكلي

قصة الصراع بين تركيا وتنظيم حزب العمال الكردستاني pkk   تغريدات: الدكتور محمت كانبكلي. "لماذا تعتبر تركيا محاربة تنظيم حزب العمال الكرد...