الغش الدعوي ..
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني
قال عليه
الصلاة والسلام كما عند مسلم : " من غشنا فليس منا " ..، وعند مسلم أيضا
: " من غش فليس مني" ..، و صح عنه - عليه الصلاة والسلام - قوله :
" ليس منا من غشنا "..
وفي مقاييس اللغة 4/383 لابن فارس - رحمه الله - قال : " الغين
والشين أصول تدل على ضعف في الشيء واستعجال فيه. من ذلك الغِشُّ، ويقولون :
الغِشُّ ألاَّ تَمْحَضَ النصيحة ".
وقال الفيومي - رحمه الله - في المصباح المنير 170 : " ..
والاسم غِشّ - بالكسر - لم ينصحه وزين له غير المصلحة، ولبن مغشوش : مخلوط بالماء".
وفي التاج 9/ 154 :" الغش : الغل والحقد، وقد غَشَّ صَدْرُهُ
يغش إذا غَلَّ "
وقال المناوي - رحمه الله - كما في التوقيف ص : 252 : " الغش ما
يخلط من الرديء بالجيد ".
و ( الغش) في الحديث ينبغي أن يُفهم بجميع مشمولاته ..، ولا نقصر ذلك
على صورة من الصور بغير دليل (!) ..، فهذا " تحكم " في دلالة الحديث.. ،
وهو لا ينبغي (1) ..
ويكفي للردع والزجر والتنفير عن الغش بصوره قوله عليه الصلاة والسلام
: ( فليس منا) / ( فليس مني)، فهذا اللفظ منه عليه الصلاة والسلام يدل على أن الغش
من كبائر الذنوب ..، وهو [ مراتب ومراكب ! ] ..
وعليه ؛ فمن صور الغش التي يشملها الحديث .. ، والتي طفحت على السطح
الدعوي وبشكل فاحش (!!) وتلبس بها الكثير من الناس - وأقول هذا تحذيرا وشفقة ، لا
تعاليا وشماتة - : [ الغش الدعوي ! ] ..
وهو من أقبح صور الغش لارتباطها بالعلم والعقيدة والفقه والسلوك
والمنهج [ = ذهاب الأمانة في الدعوة أو الخلل الفاحش فيها ! ] ..، وأساسه : "
الغش الفكري "! ..، بحيث لو ( فسد / أفسدنا ) الفكر فسد ما يتبعه.. ، فالغش
خُلق المفسدين ..
وصدق العلامة محمود شاكر - رحمه الله - لما قال : " وآفة زماننا
.. تسيب الفكر بلا زمام يكبحه "! ..
واعلم - يا رعاك الله - أن المرء قد يقع في مستنقع [ الغش الدعوي ! ]
دون أن يشعر .. بسبب اعتياده المساس بما هو قبيح في هذا الباب ..، وكما قال
العلامة محمود شاكر - رحمه الله - :" إلف القبيح متلفة للإحساس والعقل جميعا "! ..
فالحذر الحذر من ( الغش الدعوي) ..فهو جُرم واحتيال.. ، ودليل على
المخادعة والاعتلال..، و حديثي عن نوع ذلك ..، أما الحكم على الأعيان فحسب توفر
الشروط وزوال الموانع ..
ومن مظاهره :
- تغيير الحقائق الشرعية..
- التنكر للطريقة الصحابية..
- التعلق بالمسالك الخلفية..
- تحريف المعاني العلمية..
- قلب الموازين المرعية..
- استبدال العلم بالسخافات الصحافية..
- نشر الشبهات والأنظار الردية..
- الاشتغال بالمطاحنات السياسية..
- حمل الناس على المصادمات في الميادين الدعوية..
- إشغال الشباب بالقصاصات الإخبارية..
- الاستغراق في تحليلات الوقائع بدل الاهتمام بالقرآن والأحاديث
النبوية..
- تأخير الدعوة إلى التوحيد ، أو إهمال ذلك، والتشويش على العقيدة
الأثرية..
- التطلع إلى الرئاسة في الميادين الدعوية..
- إحياء الأقوال الضعيفة ، والشاذ من المسائل الخلافية ..
- تزهيد الناس في أصحاب الفهم والحكمة وإبعادهم عمن تحققوا بالعالمية..
- تنكب منهج الاعتدال و الوسطية..
- استعلاء الداعية على الناس ومقابلتهم بالأخلاق الدنية..
- استعمال المجادلات المذمومة في المضامين أو الأساليب أو المقادير
خلافا للطريقة المحمدية والآداب المصطفوية ..
- شحن النفوس بالانفعالات والمصارعات الحماسية..
وهكذا دواليك..، فانظر حواليك..
أصلحنا الله جميعا..
والله المستعان.. ، وعليه التكلان..
...............................
(1) . ورد الحديث في راوية بسبب .. ، لكن " العبرة بعموم اللفظ لا
بخصوص السبب " .. فتنبه ..
كتبه : [ يومه الثلاثاء 27 ربيع الآخر 1441 ھ / الموافق ل 24 ديسمبر
2019 م ] :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني - عامله الله بلطفه الخفي
وكرمه الوفي -